في بحر الفقه الواسع، حيث تتلاقى الأدلة وتتباين الآراء، يبرز هذا العمل كمرساة تمنح القارئ المسلم وضوحًا وسكينة. إن هذا الكتاب، ""أحكام المسح على الخفين والجبائر""، ليس مجرد دراسة فقهية جافة، بل هو رحلة علمية رصينة ومُبسطة في الوقت ذاته، تخاطب العقل والروح.يُقدم المؤلف أبو أحمد محمد بن أحمد باظه، هذا الجهد المبارك ليسد حاجة ملحة في فهم رخصة شرعية عظيمة، وهي المسح على الخفين والجوربين والجبائر. لقد صيغت هذه الرسالة بعناية فائقة، لتبعد عن التعقيد وتُقرّب المعلومة، وكأنها حوار بين الشيخ وتلميذه، يُجيب فيه عن التساؤلات ويُزيل فيه اللبس، ويُقدم كل ذلك بأسلوب يجمع بين سهولة العرض وقوة الدليل.تتجلى قيمة الكتاب في أنه لا يكتفي بعرض الأحكام فقط، بل يغوص في أعماق أدلتها من الكتاب والسنة والإجماع. يتناول الكتاب تعريفات دقيقة للمصطلحات، ويشرح الشروط اللازمة للمسح، ويُبيّن الحكمة من تشريع هذه الرخصة، مؤكدًا أن الدين يُسر. كما يتصدى الكتاب بجرأة ووضوح للمسائل الخلافية، ويُحسَم الجدل في بعضها، معتمدًا على منهج أهل السنة والجماعة، ومُبينًا الفروقات مع الفرق الأخرى التي خالفت في هذه الأحكام.إنه كتاب ضروري لكل مسلم يرغب في إتقان فقه الطهارة على أسس صحيحة وراسخة، بعيدًا عن الشك أو التقليد الأعمى. هو دليل عملي يُعين القارئ على العبادة بيقين، ويُثري مكتبته الفقهية بمرجع موثوق به، ويُقدم له عصارة جهود كبار العلماء في هذا الباب، ويُعدّ بوابة للخيرية التي نطق بها النبي ﷺ ""من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"".